القلشندي
بين نهاية الارب و قلائد الجمان
القلقشندي واحد من اشهر المؤرخين و المصنفين في الانساب في القرن الثامن و التاسع الهجري اسمه أبو العباس شهاب الدين أحمد بن علي بن أحمد القلقشندي ثم الفزاري نسبة إلى قبيلة فزارة الغطفانية العربية، ولد في قرية قلقشندة بمحافظة القليوبية سنة 765 هـ و توفي في عام 821 هـ رحمه الله وهو عالم و مصنف التحق بديوان الإنشاء في عهد السلطان الظاهر برقوق سنة 791هـ، واستمر فيه حتى نهاية عهد برقوق، أي حوالي عام 801هـ.
وضع موسوعته الضخمة (صبح الأعشى في صناعةالانشاء) و قد تضمن هذا الكتاب ذكرا للعرب متفرقا تارة ومتجمعا حسب ما اقتضاه الحال في الكتاب ثم الف القلقشندي اول كتاباته المتخصصة في القبائل العربية و أنسابها وهو ( نهاية الارب في معرفة قبائل العرب ) و الذي صنفه على شكل المعجم اذ رتب فيه القبائل العربية وبطونها حسب ترتيب حروف الهجاء فكان اقرب الى تنظيمها مسلسلة على ترتيب حروف الهجاء يقول رحمه الله : (فشرعت في ذلك بعد ان استخرت الله ولا خيبة لمستخير واستشرت أهل المشورة ولا ندم لمستشير واصلا كل قبيل من القبائل بقبيله و ملحقا كل فرع من الفروع الحادثة بأصله مرتبا له على حروف المعجم ليكون أسهل لاستخراج قبائله و أقرب اليه في الاقتطاف من تناوله ) ويعترف القلقشندي بانه قد جمع في هذا الكتاب ما استطاع من القبائل وفروعها ولم يحويها باسرها وبالرغم من جمعه الغفير لفروع القبائل الا انه لم يحصرها كلها فذلك من التعذر و الصعوبة بمكان يقول (ثم ان هذا الكتاب و إن كان قد جمع فأوعى و طمع في الاستكثار فلم يكن بالقليل نوعا فانه لم يأتي على قبائل العرب باسرها و لم يتكفل على كثرة الجمع بحصرها فان ذلك يتعذر الاتيان عليه و يعز على المتطلب الوصول اليه غير انه قد حصل من جميع القبائل ما يتعسر اليه من غير الوصول و حافظ على تمهيد اصولها اتم المحافظة و المطلوب حفظ الاصول و سميته نهاية الارب في معرفة انساب العرب ) ثم جاء كتابه الاخير فصنفه على طريقة اصحاب الفن الاوائل من النسابين كالكلبي و ابن حزم وغيرهم من علماء النسب و على طريقتهم بذكر القبائل و ما تتفرع منها من عمائر و بطون و غيرها مما اصطلح عليه علماء الانساب من تقسيمات و استدرك فيه مالم يذكره في كتابه نهاية الارب اذ يقول رحمه الله في مقدمة كتابه "قلائد الجمان بالتعريف بعرب اخر الزمان ":
( و كان كتابي المسمى "نهاية الارب في معرفة قبائل العرب " قد إحتوى من ذكر القبائل على الجم الغفير و طمع في الاستكثار من ذكر الشعوب باليسير الا ان من القبائل المذكورة فيه ما أخفى عليها الزمان و جهل حالها الان في الوجود والعدم فلم تعرف لها ارض و لم يوقف لها على مكان مع ان القدر الذي يحتاج كاتب الانشاء منه الى الاخذ بتفصيله و يضطر الى معرفة تفريعه و تأصيله من يضمن نطاق مملكة الديار المصرية من عربان الزمان و من يكاتب عن ابواب سلطانها او تدعو الحاجة الى خطاب او اوان مع ما يتعلق بأذيال قبائلها ممن لم يبلغ رتبة الخطاب او ينتمى اليهم بمحالفة او يتعزى الى قبيلهم بعلاقة سبب من الاسباب) .
لذا كان القلائد استكمالا و استدراكا لما فاته في مصنفاته السابقة و خاصة (نهاية الارب ) حيث جاء كتاب القلائد قبل وفاته بثلاث سنوات حيث فرغ من كتابته في عام 819 هـ هذا امر مهم للباحث في امر النسب لابد ان يتفطن اليه فلا يعتبر عدم ذكر فرع من الفروع في نهاية الارب و ذكره تضاربا بل استكمالا و استدراكا و تحقيقا .
رحم الله الامام القلقشندي رحمة واسعة و جزاه عن المسلمين و طلاب العلم خير الجزاء .
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك